عاجل:

واشنطن بوست: بعد أن أنهكته الحرب في غزة ... الجيش الإسرائيلي ينظر بحذر إلى الحرب في لبنان

  • ٥٧

عن الواشنطن بوست ـ ترجمة باسم اسماعيل

في ظل تبادل التهديدات بين إسرائيل وحزب الله، هناك مخاوف من أن الجيش أصبح مرهق وتم استنفاذ موارده بعد تسعة أشهر من الحرب ضد حماس.

يقول القادة الإسرائيليون إنهم لا يريدون حرباً في لبنان ولكن بلادهم مستعدة لأي سيناريو.

تنياهو في زيارة للحدود اللبنانية الشهر الماضي قال أيضا إن إسرائيل "مستعدة لعملية مكثفة للغاية" كما هدد وزير الدفاع غالانت بإعادة لبنان "إلى العصر الحجري".

لكن خلف هذا الموقف تتزايد المخاوف داخل إسرائيل من أن جنودها مرهقون وأن مواردها قد استنفدت بعد أطول حرب تشهدها البلاد منذ عقود.

تسعة أشهر من الهجمات ضد حماس في قطاع غزة لم تهزم الحركة ولم يحدد نتنياهو المحاصر سياسيا استراتيجية الخروج. الخبراء يحذرون بأن إسرائيل ستواجه في لبنان عدوا أكبر وأفضل تسليحا وأكثر احترافا مما يهدد بمستنقع عسكري أعمق.

وتقاتل إسرائيل على جبهتين منذ ٨ أكتوبر، حيث تمكنت خماس من قتل حوالي 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة. في غضون ساعات بدأ مقاتلون من حزب الله (المدعوم من إيران والجماعة المسلحة المتحالفة مع حماس) بشن هجمات على شمال إسرائيل من لبنان في بداية لصراع حدودي متبادل تصاعد وانتشر بشكل أعمق في كلا البلدين مع مرور كل شهر.

وفي الوقت الذي تقول فيه إسرائيل إنها تنتقل إلى مرحلة قتالية أقل كثافة في غزة، استأنفت المفاوضات في القاهرة بشأن اتفاق محتمل لإطلاق سراح الرهائن. لكن حزب الله يصر على أنه لن يلقي سلاحه أو ينسحب من الحدود الإسرائيلية حتى يتم وقف إطلاق النار في القطاع.

وتقول كل من إسرائيل وحزب الله إنهما يفضلان حلا دبلوماسيا. لكن يبدو أن أي منهما ليس مستعدا لتقديم التنازلات التي يتطلبها مثل هذا الحل. والنتيجة هي ركود متوتر، تصاعد عدد القتلى، بلدات حدودية مهجورة، وأشجار فاكهة ومزارع ألبان مهملة. بينما يضغط النازحون الإسرائيليون على حكومتهم للتحرك.

وضع القادة العسكريون الإسرائيليون خططا لشن هجوم على لبنان منذ شهور. في يوم الأربعاء بعد يوم من مقتل مدنيين إسرائيليين في وابل صاروخي من حزب الله، قال عضو مجلس الوزراء السابق بيني غانتس أنه وآخرين طالبوا نتنياهو بالسماح بتوغل إسرائيلي في لبنان بشهر آذار لكن رئيس الوزراء "تردد" بحيث رفض الالتزام بإعادة السكان الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال بحلول الاول من أيلول وهو بداية العام الدراسي الجديد.

وقال غانتس:" لا تستطيع إسرائيل تحمل استمرار الأحداث في الشمال كما هي وخسارة عام آخر. لقد حان وقت دفع الثمن في الأهداف العسكرية والبنية التحتية اللبنانية التي يشكل حزب الله جزءا منها".

جايل تلشير عالمة السياسة في الجامعة العبرية قالت إن نتنياهو الذي تفاخر ذات مرة بقدرته على منع الحروب "يعرف أن الشعب الإسرائيلي غير مستعد لآلاف الصواريخ على تل أبيب".

وأضافت بأنه بدلا من وضع الاستراتيجيات فقد "عزل" نفسه  وتجنب القرارات الصعبة من أجل كسب الوقت وإحاطة نفسه بالموالين الذين يفتقرون إلى الخبرة العسكرية.

 يقول محللون ومنهم غالانت الذي ضغط منذ شهور من أجل وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن في غزة للسماح للجيش بالتركيز على لبنان، بأن نتنياهو قد نأى بنفسه اكثر عن ضباط الجيش منذ حل حكومته الحربية بعد رحيل غانتس مؤخرا.

 قال غالانت يوم الأحد على إثر سقوط عشرات الصواريخ على إسرائيل بما في ذلك قاعدة عسكرية استراتيجية على جبل ميرون: "هذه أيام حاسمة من حيث فرض قوتنا على حزب الله الذي لا يفهم إلا لغة القوة".

هذا ولم يتوقع عدد قليل من الإسرائيليين الذين بقوا في شمال إسرائيل بعد الثامن من  أكتوبر للدفاع عن الحدود أن يتم نسيانهم لفترة طويلة.

"العائلات متعبة" ... هذا ما قاله عمير سيمشي الذي خدم لمدة تسعة أشهر في فرقة الدفاع المحلية في مستوطنة سعسع. وهي بلدية زراعية في الجليل الأعلى على بعد ميل من الحدود اللبنانية.

كانت زوجة سيمشي وطفليه الصغار من بين ما يقرب من 100,000 إسرائيلي أخلوا شمال إسرائيل حيث بدأت صواريخ حزب الله وطائرات الكاميكاز بدون طيار والصواريخ المضادة للدبابات تمطرهم العام الماضي مما حول هذه المنطقة الجبلية الرعوية إلى منطقة صراع. وقد نزحت أعداد مماثلة من اللبنانيين بسبب الهجمات الإسرائيلية في جميع أنحاء جنوب بلدهم.

قتل ما لا يقل عن 94 مدنيا وأكثر من 300 مقاتل من حزب الله في غارات إسرائيلية في لبنان. بينما قتلت هجمات حزب الله ما لا يقل عن 20 جنديا و 11 مدنيا في إسرائيل.

يستطيع "سيمشي" ايجاد بديل له في كتيبته عندما تحتاجه عائلته، لكن لا يوجد عدد كاف من المتطوعين. وقال متحدث باسم مدرسة المستوطنة التي دمرتها صواريخ حزب الله في ديسمبر: "لا أعرف ما إذا كان سيكون هناك اتفاق دبلوماسي أو حرب، لكن ما أعرفه هو أنه لا يمكن أن تستمر الأمور على هذا النحو". وقال رئيس المجلس المحلي موشيه دافيدوفيتش "إن مئات المنازل تضررت أو دمرت في أنحاء شمال إسرائيل. إنها مجرد لمحة صغيرة عن الدمار الذي من المرجح أن يلحقه حزب الله في حرب واسعة النطاق". 

ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، وإطلاق وابل هائل من الصواريخ والقذائف، ومعارك برية مكثفة ضد مقاتلين مدربين تدريباً جيداً ومجهزين جيداً يقاتلون على تضاريس مألوفة. ويُعتقد أن حزب الله لديه أكثر من ضعف عدد مقاتلي حماس،  وأكثر من أربعة أضعاف عدد الذخائر ، بما في ذلك الصواريخ الموجهة. ويجري الآن التعبير علنا عن المخاوف من أن إسرائيل غير مستعدة.

وقال يائير جولان، زعيم حزب العمل الإسرائيلي ونائب رئيس الأركان السابق لجيش الدفاع الإسرائيلي، لمحطة إذاعية إسرائيلية الشهر الماضي: "لقد تم استنزاف الاحتياط والجيش النظامي حتى العظم". وقال يوئيل جوزانسكي، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وهو الآن زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي:" إسرائيل معتادة على خوض حروب قصيرة. لكن بعد تسعة أشهر فقد استُنفد الجيش الإسرائيلي. وتحتاج المعدات إلى الصيانة، والذخائر استُهلكت، وتأثرت كل أسرة في إسرائيل بها."

حتى الصراع المنخفض الحدة نسبيا على طول الحدود تسبب في خسائر فادحة في صفوف جنود الخطوط الأمامية. لقد تم نشر جندي احتياطي إسرائيلي يبلغ من العمر 25 عاما في شمال إسرائيل لمدة ٤ اشهر بعد ٧ اكتوبر. وقد تحدث إلينا بشرط عدم الكشف عن هويته بما يتماشى مع البروتوكول العسكري. وقال إنه ظل تحت النار لمدة أربعة أشهر مما أدى إلى تراكم "الإرهاق". وقال بأنه عند انتهاء خدمته كان من الصعب العودة إلى روتين حياته السابق. وأضاف بانه أحس بالذنب حين طلب إجازة من وظيفته كمدرس حتى يتمكن من التكيف مع الحياة المدنية. الآن يستعد ليتم استدعاؤه مرة أخرى بينما يتساءل عما إذا كان يقدر على ذلك. ويقول إن أصدقائه ايضا يتصارعون مع هذا القرار.

منذ بدء العملية في غزة ، قتل 325 جنديا إسرائيليا ، أي أكثر من أربعة أضعاف عدد القتلى في حرب 2014 ضد حماس. وقد تفاقمت الخسائر بسبب الشعور المتزايد بالفشل الاستراتيجي. في أواخر الشتاء أعادت إسرائيل معظم جنود الاحتياط إلى ديارهم دون تحقيق أي من أهداف الحرب المعلنة: تدمير حماس وعودة أكثر من 100 رهينة بقوا في غزة.

قتل أكثر من 38,000 فلسطيني في غزة وفقا لوزارة الصحة في غزة، التي لا تميز بين المقاتلين والمدنيين ولكنها تقول إن غالبية القتلى هم من النساء والأطفال. يقول الخبراء إن الحرب الإسرائيلية اللبنانية ستكون كارثية لكلا الجانبين.

بعد نشر لقطات لطائرة دون طيار الشهر الماضي للميناء في مدينة حيفا الإسرائيلية، حذر زعيم حزب الله حسن نصر الله من حرب "بدون قواعد وبدون سقف". وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس يوم الثلاثاء: "نصرالله .. إذا لم توقف التهديدات والعنف وانسحبت إلى نهر الليطاني، فاعتبر نفسك مدمر لبنان". لكن الغزو الإسرائيلي للبنان يمكن أن يكون "فخا"، كما قال جوزانسكي. مما يدفع إسرائيل إلى حرب شاقة أخرى بلا نهاية.

وقال "هناك اعتقاد خاطئ في إسرائيل بأن الحرب هناك يمكن أن تنتهي في عدة أيام أو أسابيع". كما أن مشاهد الدمار في لبنان ستكثف الضغط الدولي على إسرائيل وتزيد التوترات مع واشنطن.

في الشهر الماضي ، قال نتنياهو إنه كان هناك "انخفاض كبير في شحنات الأسلحة من الولايات المتحدة إلى إسرائيل". وأنه لم يتم تسليم سوى "القليل" منذ ذلك الحين. وهو ادعاء تم نفيه بشدة من قبل المسؤولين الأمريكيين. وقال مسؤولون أمريكيون يوم الأربعاء إن بعض القنابل التي توقفت منذ أيار في طريقها الآن إلى إسرائيل. لتجنب حرب لبنان يطالب المسؤولون الإسرائيليون عبر الدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين، بأن يتراجع حزب الله على بعد حوالي 10 أميال شمال الحدود بعد نهر الليطاني. وهو ترسيم عسكري تم الاتفاق عليه في نهاية حرب عام 2006.

كانت دارينا كالابرينو وهي من سكان مستوطنة سعسع، تعيش في مدينة كريات شمونة القريبة في عام 2006 واختبأت في الملجأ عندما أصيب منزلها بصاروخ من حزب الله. وفي عام 2018 قال الجيش الإسرائيلي إنه كشف عن خطط حزب الله "لغزو" الجليل. فقد تم الكشف عن العديد من الأنفاق عبر الحدود. على الرغم من أن السكان يعتقدون أن هناك أكثر مما تم الكشف عنه. تقول كالابرينو إن خوفها الأكبر هو نوع التسلل الجماعي والمذابح التي شهدتها المستوطنات الجنوبية. وقالت: "لا نريد أن نكون ٧ اكتوبر جديدة فقد رأينا بأم أعيننا مايمكن أن يحدث".

المنشورات ذات الصلة