كتب علاء حلبي في جريدة الأخبار:
لليوم الثاني على التوالي، تشهد المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان حركة عبور نشطة للبنانيين يحاولون النجاة من المجازر الإسرائيلية المستمرة في مناطق عديدة في لبنان، وسوريين بعضهم نزح خلال السنوات الماضية من سوريا إلى لبنان، وأجبره العدوان الإسرائيلي الحالي على العودة، في وقت أعلنت فيه الحكومة السورية الجديدة استنفار وزاراتها لاستقبال الوافدين.
وتقدّر مصادر موثوقة مطّلعة على حركة المعابر، في حديثها إلى «الأخبار»، عدد الأشخاص الذين عبروا الحدود من الجانب اللبناني إلى الجانب السوري، عن طريق مختلف المعابر، بنحو 23 ألف شخص، أقل من ثلثهم من اللبنانيين، مشيرة إلى أن حركة المرور شهدت بعض التأخير بسبب الازدحام، وسط توقعات باستمرار هذا التدفق خلال الأيام المقبلة مع استمرار العدوان الإسرائيلي العنيف.
وفيما أعلنت وزارة الصحة السورية استنفار مستشفياتها، ومنظومة الإسعاف بالتعاون مع «الهلال الأحمر السوري»، لاستقبال الجرحى ومعالجتهم - علماً أن سوريا استقبلت، خلال اليومين الماضيين، نحو 200 حالة احتاجت إلى الرعاية الطبية -، أكّدت محافظتا ريف دمشق وحمص تجهيز مراكز إيواء مؤقّتة، في خطوة استباقية لاستيعاب الوافدين، الذين اختار بعضهم البحث عن منازل للسكن، إما عند الأقرباء وإما بالإيجار.
وفتح العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، والذي تسبّب باستشهاد وإصابة عشرات السوريين إلى جانب الضحايا اللبنانيين (آخرهم 23 سورياً بينهم أطفال فقدوا حياتهم في قصف إسرائيلي استهدف مبنى في بلدة يونين في البقاع الشمالي)، وما رافقه من حركات عبور نحو سوريا، الباب أمام إمكانية عودة مزيد من النازحين السوريين الذين كانت فشلت محاولات تنظيم عودتهم الطوعية خلال السنوات الماضية.
وجرت تلك المحاولات في إطار مبادرات عديدة، آخرها المبادرة السورية – اللبنانية – الأممية المشتركة، من دون أن تفضي إلى نتيجة في ظل العرقلة الأميركية المستمرة لعودة السوريين إلى منازلهم، لما يوفّره هذا الملف من ورقة ضغط على الحكومة السورية في الأروقة السياسية.
وبالرغم من إعلان سوريا المستمر رغبتها في إنهاء ملف النازحين، يُنتظر أن تواجه قطاعات عديدة في هذا البلد ضغوطاً خلال الفترة المقبلة، في ظل العودة غير المنظّمة المتوقّعة، الأمر الذي يفسّر تجهيز الحكومة السورية مراكز إيواء مؤقّتة، في ظل تعثّر مشاريع التعافي المبكر، بإشراف أممي، سواء بسبب نقص التمويل، أو بسبب «الفيتو» الأميركي المستمر على تنشيط هذا الملف.
وفي السياق، تشير مصادر سورية مطّلعة إلى أن عملية تنظيم عودة النازحين في الوقت الحالي تجري وفق خطة عاجلة تقضي بتسوية أوضاع من يرغب في تسوية وضعه عند المعبر الحدودي، بمن فيهم الفارون من الجيش، والذين يتم منحهم فرصة لترتيب أوضاعهم في سوريا قبل الانضمام إلى الجيش، خصوصاً أن حركة التدفق الحالية تتزامن مع عفو رئاسي يشمل الفارّين داخلياً وخارجياً من خدمة العلم.
وفيما تسبّب القرار الذي يقضي بتصريف أي سوري عائد مبلغ 100 دولار عند الحدود، بازدحام شديد أمام كوة التصريف، أعلن «المصرف المركزي» زيادة عدد مراكز التصريف عند البوابات الحدودية لتسهيل العمليات المصرفية، الأمر الذي تسبّب بانتقادات واسعة في الشارع السوري الذي كان ينتظر قراراً مغايراً، في ظلّ دعوات إلى التوقف عن تطبيق ذلك القرار بالنظر إلى الظروف الإنسانية الحالية.
وبالتزامن مع استمرار تدفق اللبنانيين والسوريين إلى المعابر الحدودية، تعرّض الشريط الحدودي بين لبنان وحمص لاعتداءات إسرائيلية؛ أبرزها استهدَف المنطقة المحيطة بمعبر مطربا الواصل بين سوريا ولبنان في ريف حمص، وتسبّب بوقوع عدد من الإصابات إلى جانب الأضرار المادية التي لحقت بالمعبر، وتم نقل المصابين من جرائه إلى عدد من المستشفيات السورية واللبنانية.
ويذكّر اعتداء «مطربا» في محافظة حمص التي تحتوي على أربعة معابر رسمية مع لبنان، هي، بالإضافة إلى مطربا، جوسية ودبوسية وجسر قمار، بالاعتداءات الإسرائيلية السابقة خلال حرب تموز، والتي استهدفت الجانب اللبناني من المعابر الحدودية مع سوريا، التي فتحت أبوابها حينها للبنانيين الفارّين من الحرب.