كتب داود رمال في “الأنباء الكويتية”:
أثارت التقارير الأخيرة حول الاختراق الثاني لأجهزة الاتصالات الخاصة بـ ««حزب الله»، وخصوصا جهاز اللاسلكي، موجة من الجدل السياسي والتقني في الأوساط اللبنانية والإقليمية.
ويعتبر هذا الاختراق تطورا خطيرا على مستوى الحرب الإلكترونية التي تشنها إسرائيل على «الحزب»، ويطرح تساؤلات حول طبيعة الصراع المتطور بين الجانبين، فضلا عن مدى استعداد «حزب الله» لمواجهة تحديات التكنولوجيا المتقدمة.
وقال مرجع سياسي بارز في بيروت لـ «الأنباء»: «في السياق السياسي، يعكس الاختراق تصعيدا جديدا في الحرب بين إسرائيل وحزب الله، لأن الاتصالات العسكرية اللاسلكية تعتبر جزءا حساسا من بنيته التنظيمية، وهي وسائل تواصل أساسية بين عناصره في ميادين القتال. لذا فإن نجاح إسرائيل في اختراق هذه الأجهزة يكشف عن نياتها في تقويض قدرات الحزب الاستخباراتية والاستراتيجية. وهذا الاختراق يعد رسالة واضحة من الجانب الإسرائيلي أن الصراع لم يعد مقتصرا على المواجهات العسكرية التقليدية، بل توسع ليشمل السيطرة على الفضاء الإلكتروني».
وأضاف المرجع «يأتي هذا الاختراق في وقت حساس سياسيا، حيث يشهد لبنان أزمة داخلية بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية. لذا ينظر إلى هذا الهجوم التقني على أنه محاولة لتعميق الانقسامات الداخلية وإضعاف موقف حزب الله على الساحة اللبنانية».
وأوضح المرجع انه «من الناحية التقنية، يعتبر هذا الاختراق تحديا كبيرا لحزب الله، الذي يعتمد على شبكة اتصالات لاسلكية متطورة ومحمية بشكل كبير. ويمكن لهذا الاختراق أن يشير إلى وجود ثغرات في نظام التشفير المستخدم في أجهزة الاتصال، أو ربما إلى أن إسرائيل قد طورت وسائل متقدمة للتجسس الإلكتروني، مثل تقنيات فك التشفير والتحليل الإشاري، وحتى الوصول إلى تفخيخ الأجهزة التي يستوردها حزب الله».
واعتبر المرجع ان «الاختراق الثاني يشير أيضا إلى استمرارية القدرات الإسرائيلية في مجال الحرب السيبرانية، وهذا ما قد يضع حزب الله أمام ضرورة إعادة النظر في أنظمته الأمنية، سواء من خلال تحديث وسائل التشفير أو تطوير أجهزة أكثر أمانا. وقد يكون أحد الاحتمالات أن إسرائيل تعتمد على «الهجمات الموجهة» (targeted attacks) التي تستهدف أجهزة معينة باستخدام تقنيات «التلاعب الإشاري» (signal manipulation) أو «إعادة البرمجة» (reprogramming) للوصول إلى البيانات».
ورأى المرجع انه «إذا لم يتمكن حزب الله من سد الثغرات التي أدت إلى هذه الاختراقات المتكررة، فإن هذا الأمر قد يؤثر في شكل كبير على عملياته الميدانية. ويمكن أن تكون هذه الاختراقات تمهيدا لهجمات مستقبلية أو عمليات استهداف دقيقة لعناصر الحزب. ومن المحتمل أن نشهد استثمارات كبيرة في الفترة المقبلة لتعزيز أمن الاتصالات، وقد يتجه الحزب إلى الاستعانة بخبراء في مجال الحرب الإلكترونية لتطوير نظام أكثر تعقيدا. كما أن هذا الاختراق قد يدفع الحزب إلى إعادة تقييم قدراته التقنية والتعاون مع حلفاء في هذا المجال، خصوصا من دول ذات خبرات سيبرانية. ومن جهة أخرى، فإن الجانب الإسرائيلي سيواصل محاولاته لتوسيع نطاق هذا الاختراق لشل حركة الحزب وتقييد قدراته في العمليات السرية والميدانية».
وأشار المرجع إلى ان «هذا الاختراق الثاني لأجهزة اتصالات حزب الله يظهر حجم التحديات التي تواجه الحزب في ظل الصراع المتصاعد مع إسرائيل. وعلى رغم أن الحزب قد يتمتع بخبرة كبيرة في الحروب التقليدية، إلا أن التطور السريع في تقنيات الحرب السيبرانية يتطلب تكيفا سريعا واستعدادا دائما لمواجهة اختراقات من هذا النوع. في النهاية، سيعتمد نجاح حزب الله في التصدي لهذه التحديات على قدرته على مواكبة التغيرات التقنية المستمرة وتحسين بنيته الدفاعية الإلكترونية».