جاء في جريدة الأخبار:
بعد نحو شهرين ونصف شهر على تهديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لقبرص في حال سماح سلطات الجزيرة الصغيرة لقوات العدوّ باستخدام قواعدها ومطاراتها في أيّ عدوان، فتحت السلطات القبرصية خطاً مباشراً مع حزب الله. وعلمت «الأخبار» أن مستشار الأمن القومي مدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس، الذي زار بيروت في الأيام الماضية برفقة مدير التحليل بانايوتيس كومناس ومعاونيهما للبحث في ملفات مشتركة بين البلدين؛ من بينها الحرب على غزة وتداعياتها على المنطقة، التقى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في الضاحية الجنوبية. وقالت مصادر مطلعة إن «تزيونيس أكّد أمام رعد متانة العلاقة اللبنانية - القبرصية والتاريخ الذي يربط بين الشعبين اللبناني والقبرصي»، مؤكداً «رغبة بلاده في الحفاظ على هذه العلاقة». وشدد الزائر القبرصي على أن بلاده «ليس لديها أيّ نيّات عدائية، ولا يُمكن أن تكون جزءاً من أيّ عدوان يستهدف لبنان في حال وقوع حرب كبيرة».وكان نصر الله قد أشار في خطاب له في حزيران الماضي إلى أن «العدوّ يجري مناورات في قبرص في مناطق ومطارات قبرصية»، وحذّر الحكومة القبرصية من أن «فتح المطارات والقواعد القبرصية للعدوّ الإسرائيلي لاستهداف لبنان يعني أنها أصبحت طرفاً في الحرب، وسنتعامل معها على هذا الأساس».
وعقب التهديد، فعّلت الحكومة القبرصية التواصل عبر القوات الديبلوماسية، وأوصلت رسائل تؤكد أن الجزيرة ليست جزءاً من الحرب. وشدد الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس على أن بلاده «لم تتورط في أيّ صراعات عسكرية، وهي تقدّم نفسها كجزء من الحل وليس المشكلة»، مؤكداً دور بلاده «ميسّر إنساني معترف به عالمياً وخصوصا في العالم العربي». كذلك أكد الناطق باسم الحكومة القبرصية كونستانتينوس ليتيمبيوتيس أن نيقوسيا «لن تسمح لأيّ دولة باستخدام أراضيها لتنفيذ عمليات عسكرية، وأنها ليست متورطة في أيّ صراعات».
هذا مع العلم أن هذه التصريحات لا تتطابق مع واقع التأثير المحدود للدولة القبرصية على القاعدتين البريطانيتين الموجودتين على أراضيها وفقَ اتفاقيات موقّعة بينها وبين بريطانيا (إحداهما قاعدة أكروتيري، أو قاعدة السيادة الغربية، وتتبع لسلاح الجو الملكي البريطاني، وتقع في جنوب غرب قبرص، والثانية ديكيليا، أو قاعدة السيادة الشرقية، وتقع شرق قبرص)، فضلاً عن مناورات عسكرية إسرائيلية استضافتها قبرص في السنوات الأخيرة، وأعلن العدو بوضوح أنها تهدف الى التدرب على أي حرب مقبلة على لبنان بسبب تشابه طبيعة التضاريس القبرصية مع التضاريس اللبنانية.
وتأتي زيارة مدير جهاز المخابرات القبرصية للضاحية بعد لقاء مماثل بين نائب مدير المخابرات الألمانية أولي ديال ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، جرى خلاله النقاش في الحرب على غزة وتأثيراتها على المنطقة والعالم، وأظهر الجانب الألماني حرص الألمان على محاولة تهدئة الجبهة الجنوبية وتفادي الحرب الشاملة بالتواصل المباشر مع المقاومة. وعلى ما يبدو أن قبرص كما ألمانيا أصبحت حريصة على مدّ جسور مباشرة مع حزب الله على قاعدة أن التواصل المباشر بمعزل عن الوسطاء أكثر فعالية لتوضيح المواقف وتبديد الهواجس عند الطرفين.
الوفد القبرصي، الذي التقى في بيروت أيضاً النائب السابق وليد جنبلاط ومدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري وسياسيين آخرين؛ من بينهم نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، توجه إلى دمشق للقاء رئيس إدارة المخابرات العامة اللواء حسام لوقا لمتابعة ملفات مشتركة بين دمشق ونيقوسيا؛ من بينها ملفا اللجوء وترسيم الحدود البحرية.