كتبت ندى أيوب في "الأخبار"
يتساءل العاملون في برامج دعم نحو 100 ألف نازحٍ من القرى الحدودية عن دور وزارة الشؤون الاجتماعية. ويكثر الحديث عن غيابها، وتأثير ذلك على برامج الدعم، كونها الأكثر تشبيكاً مع المنظمات الدولية والهيئات والجهات المموّلة عادة للمشاريع. إلى جانب العلاقة التي تربطها بالجمعيات المحلية التي تنشط عادة في حالات الحرب والكوارث.رؤساء بلديات من القرى المتضرّرة من الحرب القائمة مع العدو، يشكون من غياب الوزارة. ويقول رئيس بلدية الهبارية (قضاء حاصبيا) أيمن شقير، إنّ «مركز الخدمات التابع للوزارة مفتوح رفع عتب، نادراً ما يتواجد فيه أطباء، أو تتوافر فيه الأدوية». هذا مع العلم أنّ 80% من أهالي البلدة لم ينزحوا عنها، بل شكّلت الهبارية ملجأ للنازحين من كفرحمام وكفرشوبا. ويلفت شقير إلى أن «الحاجة تزداد إلى الإرشاد الاجتماعي والدعم النفسي أثناء الحرب، وبدلاً من تعزيز المركز من أجل تعزيز صمود الأهالي، تغيب هذه الخدمة عن المركز الذي كان يقدّمها سابقاً، وقد سبق لي أن ناقشت الأمر مع الوزير هكتور الحجار مرتين منذ اندلاع الحرب».
ويقول محافظ رفض الكشف عن اسمه، إنه يمكن لوزارة الشؤون تقديم «خدمات عدة عبر المتخصّصين برعاية المعوّقين والأطفال ومختلف أنواع الإرشاد، من دون أن تحصر الوزارة دورها بتقديم مساعدات عينية، تقول إنها غير متوافرة في مخازنها، وهكذا تبرر تقصيرها». على صعيد متّصل، يلفت مشاركون في اجتماعات لجنة الطوارئ، إلى أنّ فريق عمل وزارة الشؤون الذي يحضر الاجتماعات ممثلاً للوزير الحجار، غير متفاعل مقارنةً بما كان عليه الوضع بداية الأزمة.
بين شهرَي تشرين الأول وتشرين الثاني 2023 أرسلت الوزارة أربع دفعاتٍ من المساعدات إلى الجنوب. وهي بضائع كانت موجودة في مخزن الوزارة في بيروت، وضمّت وفقاً لبياناتٍ نشرتها الوزارة، 17 طناً من الطحين و2000 حرام و750 حصة نظافة و750 حصة مستلزمات مدرسية، وحفاضات لكبار السن، وأخرى للأطفال، وكراسي متحرّكة وعكازات. إضافة إلى مساعدات عينية أخرى وزّعتها على مراكز الدفاع المدني ومراكز الخدمات الإنمائية ومركز خلية الطوارئ. ومستلزمات مختلفة من هبة صينية. كما أطلقت الوزارة مشروع «خطوة - 1» ثم «خطوة – 2» مع جمعية SOS chrétiens D›orient لتقديم خدمات الصحة الإنجابية، وخدمات طبية للمعوّقين، وجلسات الدعم النفسي الاجتماعي، وذلك عبر ثلاث وحدات نقّالة تجوب في القرى الجنوبية.
من جهته، يقول الوزير الحجار لـ «الأخبار»، إنّ «الموظفين في المراكز يعملون بالحدّ الأدنى من المقوّمات، وفي ظل ظروف صعبة، ومع رواتب زهيدة»، وإن عملهم «يتركز بسبب الأوضاع الأمنية في المناطق التي لا تتعرّض كثيراً للقصف الإسرائيلي، وكذلك يتواجد الأطباء حيث يستطيعون». معتبراً أنّ «ما لدى الوزارة من مساعدات قدّمته، ولو أن الكميات غير كافية». موضحاً أن «الوزارة ليس لديها أموال فهي لم تتسلّم موازنة».
ورأى الحجار أنّ «هناك إشكالية على مستوى التنسيق، إذ لا يوجد مرجعية واحدة، وتغيب المركزية في توزيع المساعدات»، وأنّ «قرار الحكومة جعل مراكز إدارة الكوارث هي المسؤولة عن إدارة الأمور، وأبقى حضور الوزارة رمزياً، وهناك اجتماعات تُدار مع الموظفين من دون تواجد الوزراء».
وقد شكّل انتقاد آليات التنسيق، ووضع خطة الطوارئ بيد وحدة إدارة الكوارث استغراب المنخرطين في العمل. ويقول هؤلاء إنّ «إدارة الكوارث موجودة في رئاسة مجلس الوزراء وهي المسؤولة عن هذه المهمات، وإن تكليفها بخطة الطوارئ لتكون بقية الوزارات تحت مظلتها، ومن أجل ضبط الأمور، ما يحفظ الخطة الموحّدة ويمنع العمل وفقاً لمنطق تقاسم الكعكة بين الوزارات». وتوضح مصادر معنية أنّ «الجميع يعلم أنّ توزيع المساعدات على المستفيدين يتم عبر خلايا الأزمة في المحافظات أو اتحادات البلديات. أما مصدر المساعدات فمتنوّع: مجلس الجنوب والنبطية والهيئة العليا للإغاثة، والمساعدات الدولية».
وأكد مدير وحدة إدارة الكوارث في قضاء صور مرتضى مهنا، أنّ «التنسيق قائم ومنتظم منذ بداية الأزمة من أعلى الهرم وصولاً إلى مركز الإغاثة حيث الاحتكاك المباشر مع النازحين، لكن المعاناة ليست على مستوى التنسيق، بل بسبب ضعف تلبية الحاجات، إذ تُقدّم مساعدات لا تُذكر قيمتها مقارنة بحجم الطلب». ويضيف: «إن تقديمات وزارة الشؤون الاجتماعية خجولة جداً، لكن هذه هي إمكاناتها».